التقويم النفسي والمشكلات التي تواجه القياس التربوي والتقييم
المصدر: عالم التربية – مصر، 2014، مجلد 15، عدد 47، ص ص: 153-203
(تمت مراجعته من قبل فريق البوابة)
تعريف التقويم النفسي:
القياس بشكل عام هو الوصف الكمي الموضوعي للأداء، وأما التقويم فيتخطى ذلك إلى اصدار حكم على مستوى السلوك أو السمة المقاسة والذي يستند على معيار أو محك أداء. فالتقويم عملية منهجية تتطلب جمع بيانات موضوعية ومعلومات صادقة من مصادر متعددة باستخدام أدوات قياس متنوعة في ضوء أهداف محددة بغرض التوصل إلى تقديرات كمية، وأدلة كيفية يستند إليها في إصدار أحكام أو اتخاذ قرارات مناسبة. فعملية التقويم اساسا عملية قياس تهدف إلى التعرف على مدى تحقيق الأهداف، وهي عملية تسبق اتخاذ القرار. لذا لا ينبغي الخلط بين أهداف التقويم وأدواره، فقد يرتبط بدور معين العديد من الأهداف. وللتقويم دورين رئيسين: البنائي التشخيصي والختامي التجمعي.
القياس النفسي والقياس الطبيعي:
تتميز الظواهر الطبيعية بالثبات والاستقرار ولذا من السهل التعامل معها وقياسها بشكل مباشر، وأما الظواهر النفسية فتتميز بالتعقيد والغموض والتعددية مما يجعل عملية القياس غير مباشرة، ويستخدم الفهم لتفسيرها لانها تحتوي على العديد من المعاني. وأما الاختبارات والمقاييس فهي أدوات إنسانية صممت من أجل أغراض إنسانية، فهي بمفردها لا تحسم حوارا نظريا ولا تحل مشكلات اجتماعية ولا تعالج مريضا ولا تعلم طفلا ولكنها تساههم في فهم هذه المهام.
يعد القياس النفسي أحد الوسائل المستخدمة في قياس الظواهر السيكولوجية، ويركز القياس على نظرية السمات والتي تعرف بأنها تجمع الأنماط السلوكية المرتبطة بعضها مع بعض. وللقياس النفسي العديد من الخصائص التي يجب أخذها بعين الاعتبار ومنها: القياس عبارة عن الأداة التي تستخدم لرصد الظاهرة السلوكية بصورة اجرائية، وعند القياس لا نقيس السلوك كله بل عينة منه، والمقياس موضوعي أي مجرد من الميل والهوى أو الانحياز الشخصي.
الاختبارات والمقاييس:
أصبح القياس الكمي الموضوعي يمثل عصب الدراسات والبحوث النفسية الحديثة، فوسائل القياس هي أداة الباحث، والإحصاء هي لغة الباحث العصري. ولأن الكثير من مفاهيم وخصائص علم النفس لا تخضع للادراك الحسي المباشر استخدم ما يسمى بالمكون الافتراضي، فمثلا: الذكاء مفهوم افتراضي حيث نفترض وجوده عند الإنسان لكي نستطيع تفسير سلوكه وما يتسم به هذا السلوك من خصائص.
وتصنف الاختبارات والمقاييس إلى ثلاثة مستويات من حيث درجة الدقة والتعقيد، أبسطها المستوى (ج) ويليه المستوى (ب) وأخرها المستوى (أ) وهو مستوى الاختبارات النفسية المتقدمة والتي نحتاجها في العمل الاكلينيكي. وأما المجالات التي يمكن قياسها فهي عديدة ومتفرعة ونذكر منها: الذكاء، القدرات والاستعدادات، والسمات الشخصية.
يمكن اعتبار الاختبارات والمقاييس النفسية احدى الاليات واسعة الانتشار في العمليات التالية: الاختيار، المركز، التشخيص، اختبار وبناء الفروض، التقويم.
كما سبق توضع الاختبارات والمقاييس النفسية لقياس بعض العوامل مثل: القدرة والاستعداد والتحصيل والمهارات، وذلك من أجل: المسح، التنبؤ، التشخيص، العلاج، المتابعة، اتخاذ القرارات التربوية والأكاديمية والصناعية وغيرها.
كما وتهدف عملية قياس السلوك إلى:
- معرفة القوانين التي تحكم سلوك الإنسان.
- الاستفادة من القوانين وتوظيفها في مصلحة الفرد والمجتمع.
- الكشف عن الفروق النفسية سواء في الفرد أو بين الأفراد.
أما في المجال التربوي فتستعمل لتصنيف الطلاب كل حسب قدراته وميوله.
والمقاييس على عدة أنواع وهي: المعرفية، الوجدانية، مفهوم الذات متعدد الأبعاد، الذكاء الإنفعالي، السمات الشخصية في ضوء نظرية اريكسون، النمط الإنفعالي للمعلمين وأخيرًا مقياس الأساليب المزاجية.
وتصنف الاختبارات والمقاييس حسب الأسس العلمية التالية:
أولها عامل الزمن: الاختبارات مؤقتة بزمن وغير مؤقتة، عامل النوع: فردية وجماعية، عامل الشكل: لفظية وأدائية، بُعد الأداء، بُعد المحتوى وأخيرًا الهدف النهائي. وتستخدم الاختبارات إما للتشخيص البنائي أو للتقويم الختامي.
وهنالك صفات وأسس بنيت عليها هذه الاختبارات ومنها:
فحص مفردات المقياس، الصياغة اللفظية للمقياس، صدق المقياس ومعنى ذلك أن يقيس ما يفترض قياسه لا أقل ولا أكثر، الثبات ويعني ذلك اتساق الاختبار مع نفسه وأنه موثوق به ويمكن الاعتماد عليه، وتؤثر عدة عوامل على مدى ثبات الاختبار نذكر منها: عدد الأسئلة، زمن الأسئلة، التباين، التخمين، صياغة الأسئلة وحالة الفرد، موضوعية الاختبار ويعني ذلك أن الفرد سيحصل على نفس الدرجة أيًا كان الفاحص، ومن العوامل المؤثرة على الموضوعية: الدقة في القياس، والتقنين، والمعايير ذات الصلة بالموضوعية وهي عبارة عن قيم احصائية رقمية تصف وتصنف وتحدد مستويات الأداء وتمكننا من مقارنة الفرد بنفسه أو بغيره. وأما أهم المشكلات التي تواجه القياس التربوي والتقييم فهي عوامل عدم دقة القياس والتي تعود لأسباب كثيرة.
بناء الاختبارات النفسية:
تتسم عملية بناء الاختبارات النفسية لدراسة السلوك الإنساني بالتعقيد، ويمكن رصد خطوات بناء الاختبار النفسي بالشكل التالي: تحديد الأهداف، ترجمة الأهداف إلى مفاهيم إجرائية، تحديد المحتوى وتعريف السمات وتحليل العمل، تحديد المهارات والسمات والمعايير، مراجعة مفردات الاختبار، وتحليل مفرداته، تحديد معامل التمييز، ومعامل الصعوبة، تحديد مفردات الاختبار بشكلها النهائي، التعليمات والتطبيق والزمن، تحليل الاختبار، فحص الثبات والصدق والمعايير. أما أنواع المقاييس وكيفية استخدامها في العلاح فتصنف على النحو التالي: لقياس وتقويم الجوانب المعرفي: تحصيل وكفايات، الذكاء، الاستعدادات. لقياس وتقويم الجوانب الوجدانية: الميول والاتجاهات والشخصية.
أما أهم مشكلات وعيوب الاختبار فهي: تأثير تغيير صياغة البنود، مشكلة صيغ الإجابة، اختلاف اتجاهات المفحوصين نحو الاستخبار، تنوع العوامل التي تؤثر في الاستجابة،
أثر "بيرنام"، التفسير الذاتي ونقص المعنى النسبي، نقص استبصار المفحوص ومعرفته لنفسه، تأثير الحالة المزاجية الراهنة والخبرات الحديثة، عدم الدقة في التقنين، اختلاف ظروف التطبيق عن ظروف التقنين، مشكلات الاستخدام في الطب النفسي، تأثير عامل التعليم الراقي، تأثير كتابة المفحوص لاسمه، مشكلة النتائج المستخرجة من عينات متطوعين، مشكاتا الثبات والصدق، مشكلة تزييف المفحوص للاستجابة، مشكلة أساليب الاستجابة وأهم أنواعها: الموافقة والجاذبية الاجتماعية والتطرف.
ومن المشكلات الآساسية في القياس والتقويم: إسناد مهمة القياس لغير المختصين، وقلة الخبرة عند الاختصاصيين، وقلة الأدوات المقننة.
للتقليل من المشكلات يمكن تبني بعض الأسس العلمية والاعتبارات الفنية في انتقاء الاختبارات والمقاييس المستخدمة في المجالات للخدمات النفسية مثل: توافر خصائص الاختبار الجيد التي من أهمها الموضوعية والثبات والصدق، ومناسبة الاختبار للمفحوص من حيث النوع والعمر والمستوى. كما ويجب مراعاة الشروط الملائمة عند تطبيق الاختبار وتصحيحه، وتبني الأسس العلمية عند تفسير الدرجات وتقديم النتائج والالتزام بأخلاقيات الاستخدام للاختبارات النفسية والتربوية.
في نهاية المقال يقدم الكاتب نماذج من الاختبارات النفسية ومقاييس الشخصية سواء كانت محددة البنية أم غير محددة، وتداعيات ذلك على أساليب القياس والتقويم للتحصيل الدراسي.