الصورة الفوتوغرافية كوسيلة للتعلم "ذي معنى"، (إعداد المعلم – المعلم في المركز)

من قسم:
طرق التدريس
منشور:
فبراير 2017
2017

عدوي جمال- محاضر معنى كلية سخنين لتأهيل، مفتش تربوي، التربية والثقافة العربية
 

أثبتت الدراسات الحديثة أن أرسطو لم يبالغ عندما قال:" أن التفكير مستحيل من دون الصور" (Barnes, 2014)

يعزو السواد الأعظم من الباحثين، الكتاب، والتربويين إلى تسمية عصرنا هذا باسم "عصر الصورة" التي أصبحت فيه تمثل لغة عالمية، وذلك لأنها تتصدر الصحف، والمجلات، والكتب العربية، والأجنبية، والمواقع الالكترونية المختلفة، وتملأ ألبومات بيوتنا واستوديوهات التصوير، بعضها بالألوان وبعضها باللونين الأبيض والأسود. كما أنها تعد مصدرًا أوليًا من مصادر التوثيق العلمي والقانوني والتاريخي، إلى جانب النصوص الكتابية التي باتت أكثر دلالة عندما تكون بجانب صورة أو كرسم توضيحي.

فالصورة الفوتوغرافية (Photography Picture) أو ما تسمى "الصورة الثابتة" (Still Picture) على أنواعها المتنوعة، تعتبر وسيلة للتوثيق وللتعلم "ذي معنى"، ومصدرًا للمعلومات والمعارف، وذكرى لأحداث ومناسبات منها السعيدة، ومنها الحزينة تبقى لها مكانة في نفوسنا وذاكرتنا ما دمنا على قيد الحياة، وأهميتها تقاس بمدى استخدام المعلم "ذي معنى" لها كوسيلة بديلة للشرح والتفسير والتوضيح، أو من ناحية المتعلم للفهم، والاستيعاب، والتحليل والمقارنة، ودورها من خلال التفاعل بين المعلم والمتعلم وبين مجموعة المتعلمين داخل الصف في المدرسة أو في الكليات لتأهيل المعلمين. وبهذا يمكن القول، إن استخدام الصور الفوتوغرافية كوسيلة تعليمية يجعل العملية التربوية – التعليمية أكثر تشويقًا وجاذبية.

 وعليه لقد بات وجودها مؤشرًا على جودة كتاب التدريس، وإقبال الطلاب عليه. ويمتاز كتاب عن آخر، تبعًا لحسن اختيار- المؤلف أو المؤلفين أو طاقم المناهج – للصور المرافقة للنص ولجودة طباعته وتناسق ألوانه (عبد الخالق، 2005).

إن دراسة كيفية تحليل الصورة الفوتوغرافية من حيث المضمون ومن حيث الشكل، وتوظيفها في عملية التعلم "ذي معنى" لم تلق اهتمامًا معتبرًا، إذ لا يتوفر في الإنتاج الفكري سوى عدد قليل من الدراسات التي اقتصرت على التعريف بمعنى الصورة الفوتوغرافية وأنواعها. هذه الدراسات لم تلق أهمية إلى كيفية إرشاد المعلمين وطلاب الكليات في إعداد مهام وفعاليات تطبيقية مبنية على استراتيجيات عليا تساهم في زيادة التفاعل بين المعلم والمتعلم، وبينهم وبين الطلاب وفيما بين الطلاب أنفسهم.

فالدراسات التي تناولت استخدام الصور الفوتوغرافية في التعليم قليلة جدًا، لم تتطرق بشكل منهجي وموجه للمعلمين المستكملين ولطلاب الكلية لتأهيل المعلمين، إنما اكتفت بإعداد شرائح حول الموضوع وليس بشكل علمي، ولم تتطرق إلى الناحية التطبيقية العملية في عملية تأهيلهم لمهنة التدريس المستقبلية.

لا شك في أن الأهداف التربوية والتعليمية من استخدام الصور الفوتوغرافية في عملية التعليم هي جزء لا يتجزأ من الأهداف العامة التي يمكن تحقيقها بواسطة استخدام الصورة بشكل عام كوسيلة للتعلم "ذي معنى" أو كوسيط أو وسيلة إيضاح.

الأهداف التربوية   

  1. أن نعمل على مضاعفة فاعلية ومشاركة الطلاب أثناء العمل في مجموعات حول الصورة.
  2. أن نقوي من الدافعية للتعلم عند الطلاب من خلال استخدام الصورة كوسيلة في التعليم.
  3. أن ننمي ذوق الطلاب وحسهم الجمالي من خلال الصورة الفوتوغرافية المعروضة للنقاش.
  4. أن نربي الطلاب على القيم الايجابية التي تحتويها الصورة الفوتوغرافية، مثل: التسامح، النظام، وغيرها.
  5. أن يبدي الطلاب رأيهم وانطباعهم وأحاسيسهم ومشاعرهم من الصورة المعروضة أمامهم.

 الأهداف التعليمية

  1. أن يتعرف الطلاب على أنواع التصوير الفوتوغرافي.
  2. أن يتعرف الطلاب على العناصر الفنية في التصوير، مثل: الإضاءة، الألوان، اللقطات وزوايا التصوير.
  3. أن يحلل الطلاب الصورة الفوتوغرافية من حيث المضمون ومن حيث الشكل.
  4. أن نثري عالم الطلاب بالمعلومات والمعارف في مجالات مختلفة أهمها تراثنا وحضارتنا.
  5. أن يقارن الطلاب بين الصورة الفوتوغرافية وبين أنواع أخرى من الصور مثل: الثابتة، المتحركة أو التكوينية.

وتؤكد العلوي (2014 ) في مقالها في مجلة الهدى تحت عنوان: تكنولوجيا الصورة واستخدامها في التعليم، أن الصورة تتميز بخاصيات تنفرد بها، وهي:

  1. إنها عامل تشويق يثير اهتمام المتعلم.
  2. تميزها بالدقة والوضوح أكثر من اللفظ.
  3. قدرتها على إثارة نفسية المتعلم والتأثير فيه نفسياً وعقلياً.
  4. قدرتها على تقريب البعيد مكاناً وزماناً .
  5. تشجيع المتعلم على استثمار ملكته العقلية من ملاحظة وتأمل وتفكير وبذلك تتحقق له المعارف وينقل المعلومات وتستوضح لديه الأفكار.

ويذكر ويليمز (1963) في كتابه: التعلم من الصور(Learning from pictures) واحد وثلاثون سببًا للتعلم بواسطة استخدام الصور. واليكم أهمها:

  1. إن الصور تساهم في تطوير مشاركة الطلاب أثناء العملية- التربوية، ورفع من الدافعية للاشتراك في الحوار والنقاش في الصف.
  2. إن الصور تضيف لعالم الطلاب المعرفة العامة، والثقافة العامة حول الأماكن البعيدة التي لم يمكن الوصول إليها مثل: الصور التي تصور الأحداث التي جرت في الماضي القريب والبعيد.
  3. إن الصور تساهم في تطوير الأفكار، الآراء، وجهات النظر، والقيم التي تشكل مادة قيمة للمقارنة من حيث أوجه الشبه وأوجه الاختلاف، وطرح الأسئلة، والمشاكل بهدف النقاش، والقراءة الناقدة.
  4. إن الصور تساهم في تطوير الناحية الإدراكية عند المتعلم، مقارنة موجهة، بناء تسلسل الأفكار، وتحضير المتعلم لتجارب مستقبلية في عملية التعلم.
  5. إن الصور تساعد على فهم الذات وفهم الآخر.

إرشادات عامة للتعامل مع الصورة الفوتوغرافية

بعد أن تعرضت في البندين السابقين للأهداف التربوية والتعليمية التي يمكن تحقيقها باستخدام الصورة الفوتوغرافية كوسيلة للتوثيق وللتعلم "ذي معنى"، على المعلم الأخذ بعين الاعتبار الإرشادات التالية:

أولاً: التركيز على المضمون

يجب إشراك الطلاب في مناقشة وتحليل ما تحتويه الصورة الفوتوغرافية من رمز أو رموز، معان أو مضامين التي تتناولها الصور الفوتوغرافية مثل: الأحداث، المعلومات، المعارف، الأفكار، المعالم، الزمان والمكان، الأشكال الهندسية، الشخصيات والمصطلحات. فالصورة الفوتوغرافية أيضاً تتضمن على مضمون ظاهر ومضمون مستتر، وكلاهما يكمل الآخر.

فهذه الصور تكشف، وتنقل المعلومات، وتثير التفكير والتعبير الإبداعي وأحاسيس ومشاعر المتلقي، وتعزز عنده القيم الجمالية الفنية.

يجب التطرق في المرحلة الأولى للمضمون الخارجي في الصورة. أما في المرحلة الأكثر عمقاً فيجب التركيز على تطوير وعي الطلاب بما تحمله من مضامين من معان اجتماعية، وقيم ايجابية أو سلبية، فنية وغيرها. فالهدف هو: أن نخلق طالباً مبدعاً، ناقداً يعبر عن موقفه وأحاسيسه ومشاعره بحرية تامة.

ثانياً: التركيز على تحليل الشكل

تتطلب قراءة الصورة مستويين من التحليل:

  1. المستوى الأول يتعلق بالإدراك: كيف ندرك الصورة باعتبارها عملاً فنيًا؟
  2. المستوى الثاني يتعلق بإنتاج الدلالة: كيف يسهم العمل الفني في إنتاج المعنى والدلالة من خلال تفاعل الذات المتلقية مع الموضوع الجمالي الذي تتجسد عبره الوقائع البصرية بوصفها تجارب إنسانية مفعمة بالدلالة، والخصائص الشكلية الضرورية كالمساحة، اللون، الضوء، زوايا التصوير، لقطات التصوير، عناصر الزخرفة في الفن الإسلامي مثل: الأشكال الهندسية، الأشكال النباتية، الأشكال الآدمية، والجماليات الفنية.

فالصور الفوتوغرافية ليست مجرد صور لموضوعات أو أعمال أو أشخاص، بل هي تكشف عن القيم الجمالية للمصور الفوتوغرافي الذي صورها وقام بإنتاجها، حيث أن الفنان المصور يفتح أعيننا على عالم الضوء واللون ويكشفه لنا بطريقة يمكن أن تكون جيدة وحيوية.

فالصورة الفوتوغرافية هي مادة اتصال تقيم العلاقة بين المرسل والمتلقي، فمرسل الصورة لا يقترح رؤية محايدة للأشياء والمتلقي يقرأها انطلاقاً من التجربة الجمالية والخيال الاجتماعي ذلك أن الصورة لا تخاطب حاسة البصر لدى المتلقي بل تحرك حواسه وأحاسيسه وميراثه العاطفي والاجتماعي.

ثالثاً: تخطيط لدرس أو وحدة تعليمية تطبيقية

ومن أجل تحقيق درسًا ناجحًا ذو معنى غير مملًا على المعلم أن يقوم بالخطوات التالية:

خطوات تحضيرية : تحضير مُسبق 

ملاءمة الصورة للمرحلة ، ملائمة الصورة لموضوع الدرس ولمنهاج التعليم، ملاءمة الصورة للأهداف، الوقوف على الصورة من حيث الشكل والمستوى الفني .

قبل العرض :

معلومات مختصرة عن الصورة ،ربط الصورة بالمادة الدراسية ،التوقعات ،كيفية العرض ،تسجيل الملاحظات ،أسئلة تمهيد للتشويق والإثارة .

خلال العرض :

أسئلة وفعاليات فردية ، أسئلة للنقاش حول القيم ،أسئلة للعمل في مجموعات  حول المضمون والشكل ،زوايا التصوير، لقطات التصوير ، جماليات الصورة .

بعد العرض :

التعمُق، التوسع، تثبيت المعلومات، فحص المهام، المقارنة، ربط معلومات الصورة بمادة الدرس.
الانطباعات، الإعجاب أو عدم الإعجاب، تعليق على نوع التصوير الفوتوغرافي، الشكل، زوايا ولقطات التصوير وغير ذلك.

    خلاصة القول، تعد مشكلة إعداد المعلم من أهم القضايا التي شغلت ولا زالت تشغل بال التربويين في كل مكان، حيث يمثل المعلم المحور الأكثر أهمية في العملية التربوية- التعليمية، فهي تصلح بصلاحه، وتهن بوهنه، ذلك من منطلق أنه يستطيع أن يعوض أي نقص أو تقصير في المناهج أو الكتب والإمكانيات إذا ما توفر لديه الاستعداد والرغبة الجادة. ويذكر الأدب التربوي ذو العلاقة أنه إذا أردنا بيئة تعليمية فعالة "ذو معنى"، فلا بد أن نعد المعلم أو الطالب الأكاديمي إعدادا جيدا والمدرب تدريبا فعالا.


التحديث: يونيو 2021
الكلمات المفتاحية:
أساليب تدريس بديلة | تعلم ذو معنى | صورة فوتوغرافية