أيًّا كانت الحال، فإنَّ المعلِّم يقوم بأداء واحدة من أهم الوظائف في المجتمع وأشدها خطرًا، وهي "تنفيذ" مشروع تكوين الطفل أو بنائه لحساب المالك: المجتمع أو الأمّة. ومع ذلك، لا يتمتَّع إعداد المعلِّم وتكوينه قبل الخدمة وفي أثنائها بما يتمتع به إعداد أصحاب المهن الأخرى، كالمحامين، والأطباء، والمهندسين... أو بالأهمية التي تتمتع بها المشاريع المادية، أو ما يُسمّى مشاريع البنية التحتيّة، مع أن رسالة الإنسان في خدمة المجتمع قد تستمرّ خمسين سنة أو أكثر، أي أنها أطول من خدمة أيّ مشروع مادي، وأكثر اتساعًا من خلال تفاعلات وتأثيرات مُتبادلة بينه وبين الآف الناس إذا كان معلمًا، وأحيانًا بينه وبين المجتمع والعالم أجمع. وهذا يعني أن عطاء المعلم أكبر من عطاء أي مشروع، لأن نتاج المدرسة يتحول إلى مدخلات رئيسة في جميع القطاعات، مما يجعل وظيفة المعلم أهم وظيفة في المجتمع وأخطرها، ومشروع تكوينه هو الأول والأعلى. فهل هذا هو الحال؟