الفيلم الوثائقي كوسيلة للتعلم ذو معنى (المعلم في المركز)

منشور: 
2016

عدوي جمال- محاضر معنى كلية سخنين لتأهيل، مفتش تربوي، التربية والثقافة العربية
 

تبقى المؤلفات التربوية-التعليمية التي تدور حول دمج الوسائل التعليمية التكنولوجية، قليلة للغاية في المكتبة العربية، التي تخلو من أي كتاب أو مرجع يعالج كيفية تحقيق ما يسمى بالتعلم "ذي معنى" من خلال الأفلام الوثائقية والصور الفوتوغرافية.

أصبحت معرفة المعلمين وطلاب الكليات والجامعات بالوسائل التعليمية التكنولوجية وآليات توظيفها واستخدامها في العملية التربوية- التعليمية ضرورة ملحة لا سيمَا وأن الطلاب والأطفال في يومنا هذا يأتون الى المدرسة ولديهم معرفة مسبقة حول التكنولوجيا التي أصبحت جزءًا من حياتهم اليومية ولا يمكن بذلك تجاهلها في صفوف المدرسة وفصلها عن التعليم والتعلم بتاتًا.

وقد بدت حاجة ماسة لهذا الغرض واضحة من خلال اللقاءات الأولى لمساق "الحضارة العربية-الإسلامية"، والتي تمثلت بأن المعلمين في مسار الاستكمال وطلاب السنة الرابعة في المسار المنتظم ما زالوا لا يشعرون بأنهم على استعداد كاف لدمج هذه الوسائل التكنولوجية في مواضيع التدريس المختلفة بهدف جعل التعليم نشطًا وفعالاً في صفوفهم.

إن المستجدات في التعليم كالتقنيات التربوية والوسائل التكنولوجية الحديثة أصبحت جزءًا من عملية التعلم ذي معنى الناجحة. وفي أيامنا هذه نستطيع القول إن أساليب إعداد المعلم في الكليات الأكاديمية للمعلمين والجامعات وحتى في دورات الاستكمال انتقلت من الطريقة النظرية الى الطريقة التطبيقية. وبهذا فتح أمامهم المجال لاستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة ومعايشة تأثيرها في عملية التعلم ذي معنى، ونقل عملية التعلم من مستوى التلقين والحفظ الى مستوى التفاعل، والمشاركة، والبحث والإدراك والتعلم بالملاحظة المحسوسة، وبطريقة فعالة ونشطة.

ولا شك بأن  استخدام الأفلام  الوثائقية هي من  الوسائل  التي تساهم وتساعد في تحقيق عملية تعلم ذي معنى ملائمة لمناهج  التعليم في مواضيع التدريس المختلفة.

ففي الآونة الأخيرة زاد الاهتمام باستخدام الأفلام كوسيلة للتعلم "ذو معنى" كأسلوب، ومنحى تعليمي، وذلك لأهميتها، فقد دعت الحاجة إلى اعتماد هذا الأسلوب بعد بروز مجموعة من العوامل، لعل من أبرزها حالة الحيرة والإرباك التي يشكو منها المتعلمون، بعد كل موقف تعليمي، والتي يمكن تفسيرها بأنها نتيجة عدم اندماج المعلومات الجديدة بصورة حقيقية في عقولهم بعد كل نشاط تعليمي تقليدي.

من خلال تدريس مساق " الحضارة العربية – الإسلامية " في السنوات الأربع الأخيرة، للطلاب والمعلمين في كلية سخنين لتأهيل المعلمين، في مسار التخصصات المختلفة، وقسم الاستكمالات، لدرجات عليا ضمن إطار “أفق جديد"و"عوز لتمورة" لاحظت مدى اهتمام هؤلاء الطلاب والمعلمين المتزايد بالأفلام الوثائقية. وقد بدت حاجة الطلاب والمعلمين المستكملين ماسّة وواضحة، لمادة مساعدة لهم، حول كيفية استخدام الأفلام الوثائقية، والتعليمية كوسيلة للتعلم الفعال "ذو معنى"، في مواضيع التدريس المختلفة. وبما أن المكتبة العربية تفتقر إلى مثل هذه المواد المساعدة، ارتأيت أن أزود طلابنا ومعلمينا المستكملين بهذا العمل المتواضع، ليكون عونا لهم، وليفتح أمامهم أفاقا جديدة في طرق ووسائل وأساليب التدريس البديلة، لتحقيق تعلم فعال- نشط "ذي معنى".

إن الهدف من التعلم "ذي معنى" بواسطة الأفلام يكمن في تطوير القدرة عند الطالب على التفكير، والنقد البناء، والابتكار، والتعلم الذاتي بدافع الرغبة، ويعمل على بناء شخصية متوازنة للطالب. حيث تشير الأبحاث إلى فاعلية هذا الأسلوب في تحقيق الكثير من أهداف الدرس المطروح للنقاش، وذلك لكونه وسيلة مهمة ومشوقة، وعلى حد قول كلوب(2005)- عن الفيلم واستخدامه في عملية التعليم والتعلم التالي- : "يعتبر الفيلم مادة تعليمية متطورة يجمع بين الصوت والصورة والحركة وما يرافقها من مؤثرات متعددة، يقدم المعرفة والمهارة، والحوادث والخيارات بشكل متسلسل، يثير الشوق للمتابعة دون التعب، والجهد اللذين يعانيهما كل من المتعلم أثناء المذاكرة - والمدرس(المعلم) أثناء الشرح- أي أنه يوفر الجهد والوقت على المعلم والمتعلم في وقت واحد".

والسؤال هنا: ما هو دور المعلم/المحاضر أثناء استخدام الفيلم كوسيلة للتعلم ذو معنى؟ إن دور المعلم/المحاضر اليوم في الكليات لتأهيل المعلمين المستكملين في إطار برنامج وزارة التربية والتعليم "نرتقي صف"، لا يقتصر على تمرير المادة، أو إلقاء المحاضرة لطلابه فقط إنما دوره أكبر بكثير من ذلك حيث أصبح بإمكانه أن يبحث عن وسائل بديلة مختلفة، وفعّالة تمكنه من تأهيل طلابه لمهنة التدريس في المدارس، وذلك في ظل التغييرات التكنولوجية، التي حصلت في الآونة الأخيرة، والتي سهّلت كثيرا على الطلاب الحصول على معلومات من مصادر مختلفة .  

لا شك أن الأهداف التربوية والتعليمية من استخدام الأفلام الوثائقية – التسجيلية المحوسبة وأفلام برامج التلفزيون الوثائقي، وهي جزء لا يتجزأ من الأهداف العامة التي تمكن المعلم تحقيقها بواسطة استخدام الفيلم كوسيلة للتعلم "ذو معنى"، والتي لها انعكاسات إيجابية على الطلاب (المتعلمين) وعلى المجتمع عامة:

ومن الأهداف التربوية:

  1. أن ينمي الطلاب صفة المشاركة فيما بينهم من خلال العمل في مجموعات.
  2. أن يطور الطلاب مهارة التعاون والمساعدة مع الطلاب الذين يواجهون صعوبات تعليمية.
  3. أن يعتمد الطلاب على أنفسهم في البحث والعمل والتعلم "ذو معنى".

ومن الأهداف التعليمية:

  1. أن يعزز الطلاب المعرفة، بواسطة المادة المسموعة أو المرئية، عبر شاشة الحاسوب أو التلفزيون أو، اللوح الذكي وغيرها.
  2. أن يتعرف الطلاب على حضارات، وثقافات شعوب مختلفة: غرائب، وعادات البلاد القريبة والبعيدة، تراثها وفولكلورها، تقاليدها، لغاتها، دينها وعادياتها وعلى مجالات أخرى مثل: روائع فن العمارة، الزخرفة، الخط العربي، اللباس، المأكل، التحيات، وأنماط الحياة المختلفة.
  3.  أن يتوصل الطلاب إلى فهم أفضل للمصطلحات، والأسماء، المضامين، والمفاهيم الواردة في الموضوع المعروض للنقاش.

وأما شروط استخدام الافلام الوثائقية في عملية التعلم "ذو معنى" فيمكن تلخيصها في العناوين الفرعية التالية (العدوي، 2016): الملاءمة، والمشاركة، والقيمة للمتعلم والمجتمع.

بناء على ما تقدم، فإن دور المعلم ذو معنى هام جدا ابتداء من اختيار الأفلام المناسبة، وإعداد الفعاليات التربوية المبنية والمعدة وفقاً لاستراتيجيات عُليا، مثل: طرح الأسئلة، مقارنات، التصنيف، الصورة الفوتوغرافية كوسيلة للتوثيق، الخريطة الذهنية. كل ذلك يهدف إلى تربية وخلق طالب مستهلك، ذواّق للأفلام السينمائية، أو التلفزيونية المحوسبة، ومساعدته على استهلاك فعال واستخدام أفلام لها قيمة تعليمية للمتعلم والمجتمع.

أما من الأمور الهامة التي يجب مراعاتها عند اختيار الأفلام كوسيط للتعلم وعرضها لجمهور الطلاب هي:

  1.  التحضير المسبق: مشاهدة الفيلم أكثر من مرة قبل عرضه على الطلاب للتأكد من شكله ومضمونه وقيمه.
  2.  دقّة الملاحظة أثناء المشاهدة، حول لقطات ومشاهد عنيفة، أو كلمات وألفاظ غير أخلاقية تسيء لجمهور الطلاب وتثير البلبلة داخل القاعة.

والأهم من ذلك هو أنّ المعلم الناجح، هو ذلك المعلم الذي يفتتح درس المشاهدة بفعاليات تمهيدية مشوقة كقراءة قصة قصيرة مثيرة، لها صلة بمضمون الفيلم، فعالية العصف الذهني (تداعيات الأفكار)، ألغاز ترفيهية، أو أسئلة تمهيدية سهلة تثير النقاش، وتفاعل الطلاب عامة، وإقامة علاقة معرفية بين المعلم والطلاب ومادة الفيلم لإحداث مشاركة فعلية، نشطة وذو معنى ما بعد العرض.

والسؤال: ولماذا التعلم "ذو معنى" بواسطة استخدام الأفلام الوثائقية على اختلاف أنواعها؟

 إن فلسفة التعلم النشط أو ما يسمى بالتعلم "ذي معنى" بواسطة استخدام الأفلام هي نقل بؤرة الاهتمام من المعلم الى المتعلم محور العملية التعليمية. وأن من ايجابيات هذا الأسلوب كالتالي:

  • يزيد من اندماج الطلاب أثناء التعلم ويجعل عملية التعلم متعة.
  • يحفز الطلاب على كثرة الإنتاج وتنوعه.
  • ينمي الثقة بالنفس والقدرة على التعبير عن الرأي.

إن نجاح استخدام أي فيلم في تدريس أحد الموضوعات يتوقف إلى حد كبير على ما يقوم به المعلم من رسم استراتيجية متكاملة للاستفادة منه.

     وقد يكون العامل الأكثر أهمية في نجاح استخدام الأفلام الوثائقية – التسجيلية المحوسبة أو البرامج التسجيلية من قنوات التلفزيون الوثائقية المتنوعة، هو عامل الاستراتيجية الذي يخلق التفاعل ما بين الفيلم والطلاب، لذلك يجب على المعلم\المحاضر استخدام الفيلم الجيد والمناسب، من حيث المضمون، والشكل الذي يستخدم لخلق تجربة ناجحة في التعليم لتحقيق عملية التعلم الفعال والنشط.

وهذه بعض الشروط الهامة الموجهة للمعلمين المبتدئين في سلك التعليم، لنجاح استخدام الأفلام الوثائقية في عملية التعلم ذو معنى: التمهيد وتوزيع مهام للمشاهدة، والاستعانة بمهام خلال العرض.

التحديث: نوفمبر. 28, 2016
الطباعة
التعليق

مشاركة:

تعليقات عبر الفيسبوك:

إضافة تعليق: