المصدر: مجلة رؤى تربوية – فلسطين، 2017، 53/54، 36-43
(تمت مراجعته من قبل فريق البوابة)
هدفت هذه الورقة إلى تقديم مشروع بشكل قصصي، وتدور أحداث القصة في فصل الربيع، حيث يعيش زوج مزارعان في مزرعة كبيرة تحتوي على مجموعة كبيرة من النباتات والحيوانات. واعتاد المزارعان على الاعتناء بمزرعتهما وما فيها، إلى أن كبرا في السن وزادت عليهم أعباء العمل. فاضطرا إلى طلب المساعدة من أشخاص يمكنهم القيام بكل ما يلزم المزرعة من أعمال فتدخل الأطفال.
لم تكن القصة التي بنيت عليها الدراما كأي قصة يمكن قراءتها في أحد الكتب، بل كانت قصة من صنع الأطفال ومربيتهم معًا؛ قصة تحدث معهم الآن وفي سياق صفي، قصة تتملكهم عبر الفكرة ويتملكونها عبر بناء الأحداث وحل المعضلات ولعب الأدوار.
فالقصة هنا كانت نافذة الأطفال على العالم، وطريقهم نحو التعلم. والتعلم هنا لا يقدم معارف فقط، بل يزودهم بالعديد من المهارات والقيم؛ تعلّم يشبه ما يحدث في الحياة.
وهكذا تصبح القصة بالنسبة للأطفال هي اللعبة، وتقوم اللعبة على بناء علاقات بين شخصيات القصة وأحداثها، وأما بالنسبة للمربية فالقصة المبنية على اللعب أداة جذب للأطفال، وتحقق من خلالها الانخراط الذي يقود إلى تعلم من أعلى المستويات، تعلّم إحدى أدواته الرئيسة هو الخيال الذي يتم تفعيله عبر الجسد لخلق صور لأحداث القصة، واستكشاف مواقف، وحل معضلات، وصنع قرارات، والوصول إلى تعلم أعمق ما يمكن أن يكون، "دمج الخيال والتظاهر في اللعب هو ما يجعل الأمر مهمًا لتطور الطفل وتعلمه، فاللعب التخيلي التظاهري يقود مباشرة إلى الدراما".
تدرك المربية بأن التمثيل الخيالي للأطفال يمثل العالم الحقيقي الذي يعيشون فيه، ويمكنها أن تجلبه إلى غرفة الصف عبر وسائط عدة، كالتمثيل الجسدي المتمثل بالفعل والأداء الجسدي، والرمزي المتمثل باللغة كالكلمات والأرقام، والأيقوني الذي يعتمد على نظام الحس المرئي المتمثل بالصور والأفلام. وهنا تربط الكاتبة بين القصة وتمثيلات برونر للعالم، وتنتقل لتداخل التمثيلات وبناء المعاني.
وفي ضوء ما ورد نذكر بعض ما قالته المعلمات المشاركات: تقول المربية هيا الأعرج "لأول مرة أرى فيها الطفل يشكل محور العملية التعلمية، وأرى تعلمًا يعّد الطفل ليس لاكتساب المعرفة فقط بل بمهارات وقيم تقدم له بطريقة غير مباشرة، وتمكنه من آليات تفكيرية تساعده على التعامل مع العالم الخارجي بشكل إبداعي وفعًال، وما زاد من انبهاري هو انخراط الأطفال، بشكل كبير، في العمل ووصولهم لدرجة الهوس".
ومما قالته المربية ريمان شوامرة "إنبهرت جدًّا من الأطفال الذين كانوا يستذكرون كل التفاصيل الصغيرة التي يقومون بها داخل المشروع، حتى بعد مرور وقت من تنفيذها، فالتعليم بهذه المنهجية شكل مساحة لكل طفل بأن يختبر خياله، ويكون له دور؛ إما من خلال مشاركته بالحوار وإما الرسم وإما الفعل، إضافة إلى أن الشغف والمتعة والاستعداد الدائم والتعاون والمشاركة في تنفيذ المهام داخل المشروع، وهي ما ظهر من السمات لدى الأطفال حينها.
مصادر:
توي نايجل وبرنديفيل فرانسيس. 2014. الدراما والقصة الشعبية لسنوات الطفولة المبكرة. ترجمة: عيسى بشارة، رام الله: برنامج البحث والتطوير التربوي/مؤسسة عبد المحسن القطان، ص 21.
إضافة تعليق: