المصدر: موقع مركز معلومات وبحث في التربية والتعليم، 2020
(تمت مراجعته من قبل فريق البوابة)
تستخدم الدول والهيئات المختلفة في جميع أنحاء العالم تعريفات مختلفة لمفهوم التسرب، وذلك بناءً على احتياجات وقيم مختلفة، كما وتستخدم طرق قياس وقواعد بيانات متنوعة.
من منظور عالمي وفي ضوء حق الفرد في التعليم، صاغت الأمم المتحدة تعريفًا لمفهوم التسرب، إبتداءً بمرحلة ما قبل المدرسة وحتى المرحلة الإعدادية لهؤلاء الطلبة الذين لا يحظون بالمشاركة في إطار تعليمي رسمي. ووفقًا لهدف منظمة الأمم المتحدة المتمثل في توفير التعليم الابتدائي لجميع أطفال العالم حتى عام 2015 م، بدأت بتطوير قواعد بيانات تعليمية في البلدان النامية وصياغة قوالب منظمة من أجل قياس ظاهرة التسرب. ووفقًا لنمط قياس التسرب في الأمم المتحدة، الطفل المتسرب هو الذي تم تسجيله في نظام التعليم سابقًا ولكنه لم يأت إلى المدرسة على الإطلاق في العام الدراسي الذي تم فيه القياس.
في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة يشير تعريف التسرب إلى سنوات الدراسة الثانوية وما فوق، ومن جيل 16 أو 18 إلى 24 عامًا. وتهتم هذه الدول بقدرة المواطنين على الاندماج في سوق العمل، وتعتبر بأن المرحلة الحاسمة والحرجة هي اختبار قدرة الاندماج في سن التخرج من المدرسة الثانوية. فمثلًا الهدف القومي في الولايات المتحدة هو التخرج من المدرسة الثانوية بنجاح وبشكل مقبول مع شهادة تخرج للاعتقاد بأن مثل هذا الوضع يسمح بالاندماج الأمثل في سوق العمل. وعليه كان تعريف المتسرب على أنه الشخص الذي فشل بهذه المهمة؛ والمعلومات المستخرجة من قواعد البيانات مثل الاستطلاعات الوطنية والشاملة لوزارة التعليم الأمريكية تعطي صورًا مختلفة قليلاً حول حالة التسرب، وتعتمد على نوع السكان الذين شملهم المسح، وعدد السنوات التي تم قياسها.
لطرق القياس تأثير على نواحي من ظاهرة التسرب المرئية. هذا صحيح أولاً وقبل كل شيء فيما يتعلق بمؤشرات الأحداث من ناحية ومؤشرات الحالة من ناحية أخرى. الأمريكيون هم الوحيدون إلى جانب مؤشرات الحالة، يستخدمون قياس الأحداث، وهو يفحص عدد أحداث التسرب التي حدثت خلال سنة دراسية معينة. وصاغ الأمريكيون نموذجًا من سبعة مؤشرات بناءً على قواعد البيانات وطرق القياس المختلفة التي تسمح بتقييم مدى وخصائص ظاهرة التسرب، والمقياس الأكثر دقة لتقييم التسرب هو (ACGR): وهو مقياس يعتمد على قاعدة بيانات شاملة تمكن من الفحص الدقيق للطلاب الذين أكملوا دراستهم الثانوية في الوقت المحدد؛ (بعد أربع سنوات من البداية لأول مرة في دراستهم بالصف التاسع) وحصل على شهادة التخرج العادية.
توجد في الدول الأوروبية تعريفات وطنية مختلفة لمفهوم التسرب، واعتمادًا على الهدف المتمثل في تقليل التسرب في هذه الدول ولغاية حلول عام 2020 م، صاغ الاتحاد الأوروبي تعريفًا موحدًا تستخدمه العديد من دول الاتحاد لقياس التسرب. ينطبق هذا التعريف على الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 وحتى 24 عامًا والذين لم يكملوا المرحلة الثانوية وغير متواجدين في أنظمة التعليم والتدريب المهني. هذا التعريف لا ينطبق على ما يحدث في سنوات الدراسة الثانوية نفسها، ولكن فقط على الوضع الذي يليها. إنه يشير إلى طبقة الخريجين الشباب ومن المفروض دمجهم في سوق العمل، كما وتفحص عدد الذين سيدخلون سوق العمل دون تدريب أساسي. يعتمد الاتحاد الأوروبي على مسح القوى العاملة، وعليه يمكن أن يوفر تقديرًا لمدى التسرب بين السكان وليس قياسًا دقيقًا.
يوجد في المملكة المتحدة تعريف أوسع لظاهرة التسرب وتشمل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 وحتى 24 عامًا وغير متواجدين بأنظمة التعليم أو التدريب المهني بأنواعه، وغير مندمجين بسوق العمل. وحسب وجهة النظر هذه، المتسرب هو الشخص الذي يفشل في الاندماج فعليًا في سوق العمل، في حين أولئك الذين ينضمون إليها - حتى لو لم يتخرجوا من المدرسة الثانوية أو لم يتلقوا تدريبًا مهنيًا كبيرًا - لا يعتبرون متسربين.
يقوم البريطانيون بتجنيد مجموعة واسعة من قواعد البيانات بغرض قياس ظاهرة التسرب من أجل الوصول إلى صورة دقيقة قدر الإمكان عن مكانة كل مواطن في سوق العمل، وأسباب عدم الامتثال والمشاركة في سوق العمل.
من وجهة نظر أنظمة التعليم يبدو وكأن التعريفين الأوروبي والبريطاني واسع أكثر مما يلزم، كونها تشمل أيضًا التدريب المهني والمشاركة في سوق العمل. في حين أن تعريفات كل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة تركز على المشاركة والنجاح في التعليم في نظام التعليم نفسه، ومن روضة الأطفال وحتى التخرج من المدرسة الثانوية. وإن طريقة قياس الأمم المتحدة السنوية والتي على أساسها يتم قياس ومعرفة حالة جميع الطلاب المسجلين في نظام التعليم، تعطي لمحة سريعة سنوية حول عدد المتسربين، والذي يمكن تقسيمه حسب الفئات العمرية والدرجات ومتغيرات إضافية تسمح بها البيانات. وتسمح طريقة القياس الأمريكية بالتأمل بظاهرة التسرب في جيل فترة الثانوية من زوايا مختلفة، من وجهة نظر الحدث - كم عدد المتسربين كل عام، ومن وجهة نظر الوضع - كم عدد المتسربين في فئة عمرية معينة. ويبدو بأن الدمج والتكامل بين نهج الأمم المتحدة مع النهج الأمريكي سيسمح بإنشاء مقاييس شاملة حول ما يحدث في نظام تعليمي معين.
وإذا كان الأمر كذلك، فيمكن صياغة العديد من المؤشرات المستخدمة جنبًا إلى جنب، ولا داعي بالكتفاء بمؤشر واحد.
ومن خلال مناقشة طرق القياس، يمكن استخلاص عدد من الاستنتاجات الإضافية، بما في ذلك:
1. قياس وتقييم ظاهرة التسرب بأكبر قدر ممكن من الشمولية والدقة من خلال تضمين أكبر قدر ممكن من المعلومات من قواعد البيانات المختلفة. وهنالك أهمية للمشاركة في العمل بين وزارة التربية والتعليم والجهات الأخرى للحصول على معلومات شاملة.
2. إن جمع البيانات حول المتغيرات المختلفة يسمح بتجزئة المعلومات وفقًا لتلك المتغيرات لاحقًا، ومن المفيد جمع معلومات كثيرة تسمح بفهم أعمق لظاهرة التسرب وخصائص المتسربين.
3. للفترة الزمنية التي يتم فيها قياس التسرب تأثير كبير على النتائج. هنالك عملية تسرب مستمرة منذ بداية العام الدراسي وحتى نهايته، ولكن العديد من الطلاب يعودون إلى النظام التعليمي مع بداية العام الدراسي الجديد. يجب مراعاة هذا الجانب عند تخطيط تحديد الفترة الزمنية للتسرب.
أدت مناقشة التنبؤ بظاهرة التسرب إلى زيادة البصيرة والفهم بأن تشخيص الطلاب المعرضين لخطر التسرب لا يتطلب الفهم العميق لأسباب التسرب وخصائص المتسربين، ويمكن القيام بذلك بشكل فعال للغاية بناء على متغيرات قليلة لأداء الطالب في المدرسة، وتطوير تقنيات المعلومات في السنوات الأخيرة سيمكن بالتنبؤ بشكل أكثر فعالية، ولكن هذه الطرق لا تزال بمراحل التطوير.
إضافة تعليق: