المصدر: المعرفة (وزارة التربية والتعليم السعودية) – السعودية، 2015، 235، 16-21
(تمت مراجعته من قبل فريق البوابة)
يهدف الكاتب أمين أسامة من خلال هذه الورقة إلى توضيح الفروق بين مواقف كل من الدكتور هورست جيسلر، والمعلم فولفجانج جايسلر من قضية الحوافز المادية للمعلمين.
بداية، يطرح الكاتب تساؤلات كثيرة منها: أليس من حق المعلم المتميز أن يجد التقدير المناسب؟ ولماذا يحق للموظف المجتهد في أي شركة أن ينال مكافأة مالية؟ ولا يحصل المعلم على ذلك. وإذا كانت المدارس راغبة في تحقيق معايير الجودة، فلماذا لا تلجأ للحوافز كوسيلة أثبتت نجاحها في الكثير من المؤسسات؟ في المقابل، ألا نخشى أن تؤدي الحوافز إلى اجتذاب أشخاص لا يدركون الفرق بين مهنة التعليم وبين العمل في شركة؟ ألا يمكن أن يتسبب التنافس على الحوافز في اندلاع معارك بين أعضاء الهيئة التدريسية، تحول دون تعاونهم، ومما ينعكس سلبًا على الطلاب؟
يبدأ الدكتور هورست جيسلر، وهو معلم في استراليا من أصل ألماني بطرح ما في جعبته من حجج مؤيدة للحوافز المادية للمعلمين ومنها:
آن الأوان لأن ينفض الألمان الغبار عن نظامهم التعليمي، ويبحثون عن حلول مبتكرة تسهم في الارتقاء به، مع الاعتراف بأن التغيير يمثل تحديًا كبيرًا للكثيرين، الذين لا يرون مبررًا ولا ضرورة للخروج عن الطريق الذي يسيرون فيه منذ عشرات السنين، رغم ما يعاني منه التعليم –برأيه- من جمود، وانعدام أي آليات للتحفيز أو التشجيع. ثم يطرح العديد من التساؤلات، مثل: هل من العدل أن يحصل معلم الابتدائي على راتب أقل من معلم الثانوي، رغم أنهما حاصلان على نفس المؤهل، ويبذلان نفس الجهد؟ ويشير إلى النهج المتبع في النظام التعليمي الأسترالي، وهو أن تضع مديرية التعليم الخطط التطويرية، وتناقشها مع المدارس، ثم تقوم المدارس بعمل اتفاقيات مع المعلمين على الأهداف المطلوب تحقيقها، وآليات قياس وتقويم ما استطاع المعلم تنفيذه منها، بناء على معايير شفافة ودقيقة للغاية، وقياسًا على ما تحقق، يحصل على حوافز مالية. ويتوقع جيسلر أن تثبت الأيام صحة هذا المنهج الأسترالي، مضيفًا بقوله إن السنوات الماضية، شهدت دخول أفكار كثيرة من قطاع الأعمال إلى التعليم، مثل الحديث عن إدارة الجودة، ولذلك فإن الخطوة التالية ستكون القبول بآليات جديدة لتحقيق هذه الجودة في التعليم، وهو الأمر الذي سيؤدي آجلًا أو عاجلًا إلى صرف حوافز للمعلمين المتميزين، ومن الأفضل ألا يركن المعلمون إلى الراحة، وأن يدركوا أن لكل مجتهد نصيبًا، ليس في أستراليا وحدها، بل في القارة العجوز، كما يقال عن أوروبا.
أما فولفجانج جايسلر المعلم الألماني الذي يؤلف الكتب عن المثالية في التعليم، فيرى أن الحوافز المالية ليست الأسلوب الأمثل في التعامل مع المعلم المجتهد، ويرد قائلًا: إن العاقل يتعظ من تجارب الآخرين، وإن البنوك التي تدور أعمالها حول المال، تستخدم الحوافز لتشجيع موظفيها على تحقيق المزيد من المكاسب، وكلما ارتفعت الأرباح، زادت الحوافز، مما جعل الموظفين يلجؤون إلى المقامرة بالأموال، ووضعها في مشاريع مليئة بالمخاطر، ويستطرد في التفاصيل. ويرى جايسلر أن ما نجح من تجارب وراء البحار (أستراليا)، ليس بالضرورة أن يكون صالحًا للتطبيق في ألمانيا، خاصة أن الاختلافات في الظروف المحيطة بالبلدين، أكبر من تجاوزها أو تجاهلها. ورغم اعترافه بأن أوضاع التعليم في بلاده ليست على ما يرام، فإنه يطالب بأن يشق الألمان الطريق الذي يتناسب مع أوضاعهم، وأن يجدوا حلولًا نابعة من ثقافة التعليم في بلادهم، تضمن الارتقاء بجودة التعليم والاعتراف بفضل المجتهدين من المعلمين. ويرى جايسلر أن ضخ الأموال في الظروف المحيطة بالعملية التعليمية، هي التي يجب أن تحظى بالاهتمام، وإلى جانب تعيين المزيد من المعلمين يطالب بأن تقوم المدارس بدور أكبر في حياة الطلاب، من خلال دوام اليوم الكامل، بشرط الاستفادة من كل دقيقة يبقى فيها الطالب في داخل المبنى المدرسي، وهو الأمر الذي لا يعني أن يكون في مذاكرة مستمرة، بل من خلال توفير الإمكانيات اللازمة لممارسة الهوايات، واكتشاف المهارات التي يتمتع بها. ويلخص جايسلر أقواله بأن كلمة المسؤولية، تحمل في طياتها كلمة (سؤال)، ولذلك ينبغي طرح السؤال الصحيح، حتى نتوصل إلى الإجابات الصحيحة، والسؤال الصحيح هو: ما هي جوانب القصور في التعليم في ألمانيا؟ وما هي آليات إصلاحه؟
إضافة تعليق: