المصدر: المجلة الدولية للبحوث في العلوم التربوية، 2025، 8(1)، 41-57
مع انتشار التعليم والتوسع بمؤسساته وزيادة الاقبال على التعليم بمختلف مراحله ومستوياته، زادت الحاجة الي طرق وأساليب عديدة ومتطورة. وقد ترتب على هذا اكتشاف طرق وأساليب تكنولوجية متقدمة واتجاهات حديثة في التعليم عن بُعد والتعلم الإلكتروني والتعليم المنزلي والمنصات التعليمية وغيرها من الأساليب المستحدثة، فضلا عن مواقع التواصل الاجتماعي التي زادت من التلاحم والتواصل بين الأفراد والمجتمعات سواء كان ذلك سلبًا أو إيجابًا في مختلف مناشط الحياة الانسانية. ومع هذا التطور تشير التوقعات المستقبلية إلى تبعية الانسان للآلة (وربما تحل الآلة محل الانسان) وسيؤدي هذا إلى تأثر طرق التربية وأساليب التعلم في مرحلة ما بَعد الإنسانية.
تلخيص:
هدفت المقالة البحثية الحالية الي تعريف مفهوم ما بَعد الإنسانية، وتأثر الحياة الإنسانية والاجتماعية بتطورات المرحلة وتوقعاتها، وانعكاسات المرحلة على أساليب
التربية والتعلم وهوية الانسان والحفاظ على الأخلاقيات والقيم الانسانية.
ولتحقيق أهداف الورقة البحثية عُرفت المصطلحات ذات الصلة ومنها: الإنسانية، وما بعد الإنسانية، وتجاوز الإنسانية، والتحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي وغيرها. ويرى الكاتب أنه في عصر التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي تم كسر علاقة الإنسان بالآخر والطبيعة والحيوان، والتعامل مع كل شيء بمنطلق التّسليع، وطغيان الآلة على الروح والأخلاق الإنسانية، فبعد أن كان الانسان هو الفاعل الرئيس في مختلف الأنشطة الحياتية ومنها التعليمية، أصبح الانسان تابعًا (في معظم الأحوال) لا متبوعًا. والمتتبع للساحة المعرفية على المستوى العالمي يشاهد كيف حلت الآلة محل الانسان في كثير من أنشطة الحياة اليومية.
وعن القيم والتدهور القيمي في الغرب يرى المؤلف تصاعد وزيادة في الذاتية والأنانية والفردية، وطغت فيه الآلة والبيانات والمعلومات والتجريبية على الحقول الاجتماعية القيمية، فقد سلّع الغرب كل شيء، وأنتج وعيًا وقيمًا تنطلق من الاستهلاكية وتنتهي عندها، ورأى في الآخر شيئا "مختلفًا عن" بمعنى “أقل من”، وفض عقد الصلح مع الطبيعة والحيوان والمحيط من حوله.
إضافة لذلك ما جرى في التعليم من تطورات، وانعكاسات ذلك على مرحلة ما بعد الإنسانية، وهنا يرى الكاتب تراجع دور العلوم الإنسانية لصالح العلوم العلمية. وبناء عليه، فمرحلة ما بعد الانسانية يقصد بها تقلص دور الانسان ونشاطه العقلي والمعرفي فيما يجب أن يتخذ بشأنه قرار ما في مختلف أنشطة حياته اليومية.
ونتيجة لذلك سوف تضعف العدالة التعليمية، ويزيد الاستبعاد التعليمي، وتتسع الفجوة
المعرفية بين الطبقات، ويتقلص دور المعلم، وتضعف الروابط الاجتماعية، نحو المزيد من الانعزالية بين بني البشر. كما تضعف النزاهة الأكاديمية، ويزيد الافراط في التعليم، وتضعف السعادة لدى المتعلمين رغم التفوق الدراسي والتحصيل العلمي والنشاط البحثي. ويختتم بدعوة لتصالح الإنسان مع البيئة بما تحتويه من إنسان وحيوان ونبات
وجماد لتجنب الآثار السلبية لمرحلة ما بَعد الإنسانية.
- السابق
- |
- التالي
إضافة تعليق: