المصدر: مجلة التراث - مخبر جمع دراسة وتحقيق مخطوطات المنطقة وغيرها - جامعة زيان عاشور بالجلفة – الجزائر، 2014، 13، 85-102
(تمت مراجعته من قبل فريق البوابة)
يهدف البحث الحالي إلى معرفة أثر التّدين فيِ الأداء الوظيفي لدى المعلمين في المدرسة الابتدائية، أو الإجابة عن الأسئلة الفرعية التالية: هل تؤثر ممارسة المعلم للشعائر التعبدية فيِ أدائه الوظيفي؟ وهل المعنى العبودي الذي يضفيه المعلم على عمله يؤدي إلى مواظبة وجهد أكبر؟
إن طبيعة موضوع الدراسة والمشكل الذي تتناوله هي التي تحدد المنهج، والذي يعرف على أنه "الطريقة التي يسلكها الباحث للوصول إلى نتيجة معينة، وفي بحثنا ولكون أهداف الدراسة تتمثل في وصف الظاهرة والكشف عن حيثياتها وتحليلها، فإن المنهج المناسب لهذه الدراسة هو المنهج الوصفي التحليلي.
وأما مجتمع البحث فيتمثل بمعلمي المدارس الابتدائية على مستوى بلدية الجلفة ويقدر ب (1187) فردًا، وقد تم اختيار العينة من مجتمع الدراسة الموزع على (10) مقاطعات، حيث تم اختيار مدرسة ابتدائية من كل مقاطعة حتى تكون العينة المختارة أكثر تمثيلية لمجتمع البحث، وبعد ذلك اختيرت العينة المناسبة لذلك وهي العينة العشوائية البسيطة بالنسبة لكل مقاطعة، حيث اشتملت كل مقاطعة على عدد من المدارس، وبعد القيام بعملية السحب العشوائي البسيط تحصلنا من كل مدرسة على عدد المعلمين والذين شملتهم الاستمارة. وكانت أداة القياس عبارة عن استبيان يتكون من (30) سؤالًا تنوعت بين المغلق والمفتوح ونصف المغلق.
أشارت أهم نتائج البحث إلى أن أداء الشعائر الدينية من طرف المعلمين، ونخص بالذكر منها ما يتواتر على أدائها في المؤسسة التعليمية والتي من شأنها تعزيز أواصر الألفة والانتماء وتحسين الرضا الوظيفي لدى المعلمين نحو مؤسستهم التعليمية. وأن الالتزام بأداء الشعائر التعبدية يؤدى إلى الالتزام بالواجبات الوظيفية. وكذلك، وجد أن المعنى العبودي للعمل حاضرًا في أفهام المعلمين وهذا الحضور إنعكس إيجابيا على أدائهم الوظيفي.
من خلال نتائج الدراسة الميدانية تبين للباحثين أين شكّل التدين آلية رقابية ذاتية، ووسيلة ضبط تتجاوز القوانين لأنها تنبع من داخل النفس حين يعجز الرقيب البشري، وهذا حين حضر الفهم للمعنى الديني للعمل في ذهن المعلم المتدين، حيث أن الإنسان يسعى دائمًا إلى تشييد نسق المعاني للتجارب التي يخوضها. فالدين قد حدد على أنه المجسد لكل الإلهامات الرفيعة، وهو ما شكل الحافز على إتقان العمل حين شيد المعلم معنى أنه يمتثل لأوامر الله ويستجيب لقوله تعالى (وقُلِ اعملوا فسير الله عملكم ورسُولُه والْمُؤْمِنُون). وأنه سيحقق بذلك محبة الله ورضوانه حين يتقن عمله تصديقًا لقول الرسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل
أحدكم عملًا أن يتقنه".
إضافة تعليق: