المصدر: مجلة لغة . كلام، 2018، 7، 217-231
(تمت مراجعته من قبل فريق البوابة)
هدفت الورقة البحثية الحالية إلى التطرق إلى تراث العلامة عبد الرحمن بن خلدون لتسلط الضوء على بعض ما ذكره في الجانب التربوي، وهو كثير ولكنه مشتت في عشرة فصول من كتابه المقدمه ويفتقد للاختصاص حيث ارتبط بالحياة الاجتماعية، وهذا ما ضايق منه أهل الاختصاص في عصرنا. ومهما كثرت الأسباب فالكاتب يُقر بأن أبن خلدون زوّدنا بما يلبي حاجتنا في تقويم التعليم والنهوض بمستوى المنظومة التربوية إلى ما هو منتظر ومطلوب، وقد صاغ إبن خلدون ذلك "بأن التعليم ضرورة أساسية للإنسان فمن خلاله يكتسب إنسانيته ويحقق كيانه، ففي المجتمع البدائي مثلًا يحقق الإنسان شروط وظروف وجوده من خلال اكتسابه للخبرات البسيطة كصناعة أدوات الصيد وإتقان مهاراته والتي يتعلمها من أبائه وأفراد عشيرته بالدرجة الأساسية". ويضيف بأن العملية التعلمية هي "عملية اجتماعية انتقائية تربوية هادفة تتفاعل فيها العناصر كافة التي تهتم بالعملية التربوية من إداريين ومشرفين ومدرسين وتلاميذ ... والتعليم هو نشاط تواصلي يهدف إلى إثارة دافعية المتعلم وتسهيل التعليم، ويتضمن مجموعة من النشاطات والقرارات التي يتخذها المعلم أو الطالب بالموقف التعليمي، كما أنه يهتم بدراسة طرق التعليم وتقنياته ... وهو تصميم مقصود أو هندسة للموقف التعليمي أو الخبرات التعليمية بطريقة ما بحيث يؤدي ذلك إلى التعلم أو إدارة التعلم التي يشرف عليها المدرس". وأما حول أساليب التعليم فيذكر "... لأن البشر يأخذون معارفهم وأخلاقهم وما ينحلونه من المذاهب والفضائل تارة علمًا وتعليمًا وإلقاء. وتارة محاكاة وتلقينًا بالمباشرة، إلا أن حصول الملكات عن المباشرة والتلقين أشد استحكامًا وأقوى رسوخًا". ويختتم المؤلف بأن أثر أفكار ابن خلدون لن تنتهي في المجال التربوي (البداغوجي) ما دامت التربية قائمة وبغض النظر عن وضعها. ويعتقد ذلك بكونها تعاليم مستمدة وبدون منازع من الدين الإسلامي إلى ما هو أعم منه -المستوى الاجتماعي- ويضيف من استطاع أن ينهل من فكر الرجل تمكن من إحراز ثورة فكرية لغوية ثقافية جمة لا يستهان بها. وينهي مقتبسًا عن إبن عمار الصغير "وإذا كان شيئًا يتحتم القيام به فهو العودة إلى آثار الرجل لتفهم ماضينا وإضاءة حاضرنا، إن العودة إلى مفكر في القرن الرابع عشر ليست عودة إلى البكاء على الأطلال، وإنما عودة للتأمل في عمل رجل عالم، لأخذه نقطة انطلاق لأعمالنا بعد تصحيح بعض النظريات التي لم تعد صالحة لمواكبة الاستكشافات العلمية الحديثة، والأخذ بيدها إلى العالمية، وإن العودة إلى أفكار الرجل ليست عودة إلى الاعتزاز والفخر، ولكنها عودة تذكرنا بأننا ضيعنا وقتًا ثمينًا لم ننتبه فيه إلى تراث أحد أجدادنا العباقرة".
مصادر:
إبن عمار الصغير – التفكير العلمي عند ابن خلدون. ص 132
إضافة تعليق: