أدوار المعلم المتجددة في القرن الحادي والعشرين

المصدر: المجلة التربوية الشاملة، 2023، 1(1)، 24-29

هدفت الورقة الحالية إلى عرض وجه نظر الكاتب في أهم التطورات المعاصرة والتحديات الناجمة عنها، والأدوار المتجددة للمعلم في ضوء هذه التطورات. ويمكن تلخيص أهم التطورات المعاصرة والتحديات الناجمة عنها بالتقدم الهائل المتسارع في التكنولوجيا، حيث نتج عنه تفاوت بين المهارات التي يكتسبها الفرد من خلال المناهج الدراسية، والمهارات المطلوبة والمعمول بها بسوق العمل؛ وهيمنة من ينتج المعرفة والتكنولوجيا ويمتلكها، والتي نتج عنها سيطرة قوية من الدول المالكة للمعرفة والتكنولوجيا على الدول المستهلكة مما تسبب بأضرار بمصالحها وخضوعها الدائم؛ والتطور في أساليب الاتصال، ونتج عنه تضاءل بعدى الزمان والمكان وتعرضت المجتمعات لقيم وسلوكيات غير مرغوبة نقلت اليها من مجتمعات أخرى مما يؤثر بالسلب على الأجيال والتي هي اللبنات المؤسسة للثروة البشرية للمجتمع؛ وظهور مشكلات مركبة ذات عدة أبعاد، ومثل هذه النوعية من المشكلات قد يصعب على أجيالنا حلها لأن إعدادهم من خلال المناهج والممارسات التعليمية الفعلية للمعلمين داخل حجرات الدراسة وخارجها لا تعمل علي تنمية القدرة على أسلوب التفكير التعاوني والإفادة من العقل الجماعي؛ وحركة العولمة، ولها تداعيات تتمثل في تغير المفاهيم ونظم وأساليب التعامل في مختلف مجالات الحياة بما يتوافق مع معطيات العصر الحديث.
وأما الأدوار المتجددة للمعلم بضوء هذه التطورات فتمثلت بفجوات في كل من: المعرفة، والتكنولوجيا، والعقل، والثقافة، والإنتاج. وتكونت الفجوة المعرفية نتيجة الازدياد السريع بالمعرفة، وعليه، على المعلم أن يستخدم المصادر المتنوعة للمعرفة، ويقوم بالاطلاع الدائم لمواكبة المستجدات، وأن لا يكون هذا الاطلاع مجرد التحصيل والتخزين بعقله، وإنما عليه تحليل ما يطلع عليه، ويفسره، وينقده، ويذهب إلى ما ورائه. ولعبور الفجوة التكنولوجية ينبغي على المعلم أن يأخذ زمام المبادرة ويلعب دور المتعلم فيكون معلمًا متعلمًا ويكتسب من خلال التدريب الذاتي المهارات المطلوبة لاستخدام التكنولوجيا الحديثة في المواقف التعليمية؛ وأما الفجوة العقلية فهي تلك الفجوة بين قدرة العقل على التفكير الجماعي التعاوني، والقدرة على التفكير الفردي، ولعبورها على المعلم أن يكون مُنسقًا وموجهًا ومرشدًا ومديرًا للوقت؛ والفجوة الثقافية هي الفجوة بين ما يُنقل عبر وسائل الاتصال المتقدمة من اتجاهات، وقيم، وسلوكيات ثقافات المجتمعات الأخرى، وبين اتجاهات، وقيم، وسلوكيات مجتمعنا وعليه، ينبغي على المعلم أن يحلل وينقد ويقيم ليعرف ماذا ينبذ وبما يحتفظ به. والفجوة الإنتاجية، هي الفجوة بين من ينتج المعرفة والتكنولوجيا، وبين مستهلكها ولذلك فدور المعلم هنا هو تنمية قدرة طلابه على إنتاج المعرفة عن طريق تنمية قدراتهم على الذهاب إلى ما وراء المعلومات، والبيانات، والمعارف المعطاة وذلك عن طريق تنمية قدراتهم الفعلية على الاستنتاج، والاستدلال، والابتكار.