الثورة الكوبرنيكية في التربية عند جون ديوي

منشور: 
2013

المصدر: مجلة دراسات وابحاث – جامعة الجلفة، الجزائر، 2013، عدد 13، ص ص: 59-73. 

(تمت مراجعته من قبل فريق البوابة)

يُصنّف المربي الأمريكي جون ديوي ضمن كبار فلاسفة التربية الذين أنجبتهم الإنسانية عبر تاريخها الطويل، وذلك تقديرًا لإنتاجه الفكري والتربوي الغزير الذي وضعه في خدمة أمته الأمريكية خاصة، والمجتمع الإنساني بصفة عامة، والذي تجسد في عشرات المؤلفات التي بسط نظريته التربوية الرائدة فيها.

لقد عبر ديوي عما قام به بالثورة الكوبرنيكية، وهو محق في ذلك، لأن دلالات وتأثيرات أفكاره لم تكن بعيدة عن نتائج ما قام به كوبرنيكس في علم الفلك- وإن كان ذلك في مجال مختلف –فإذا كان هذا الاخير قد غير مركز الكون إلى الشمس، فإن ديوي غير مركز العملية التربوية الى الطفل بعد ما كان ينظر إليه خطئا أنه في المعلم أو الكتاب المدرسي .

لقد عبر ديوي عن ثورته هذه بشكل واضح عندما قال في كتابه الشهير الموسومب "المدرسة والمجتمع 1899" إن مركز الجاذبية واقع خارج نطاق الطفل، إنه في المعلم... في الكتاب المدرسي، بل قال في أي مكان تشاء عدا أن يكون في غرائز الطفل وفعالياته بصورة مباشرة... وفي الوقت الحاضر إن التغيير المقبل في تربيتنا هو تحول مركز الجاذبية، فهو تغير أو ثورة ليست غريبة عن تلك التي أحدثها كوبرنيكس عندما تحول المركز الفلكي من الأرض إلى الشمس، ففي هذه الحالة يصبح الطفل الشمس التي تدور حولها تطبيقات التربية، وهو المركز الذي تنظمها حوله.

ومن هنا يُعد جون ديويمن أكثر فلاسفة التربية تأثيرًا وحضورًا في التربية المعاصرة، سواء على المستوى النظري الفكري أو المستوى العلمي التطبيقي، وذلك نتيجة لما تضمنته فلسفته التربوية من أفكار تقدمية أثبتت نجاعتها في المجتمع الأمريكي وكثير من المجتمعات الأخرى، وهو ما جعل عددًا من الدول- حتى المعادية لأمريكا من الناحية الإيديولوجية كالصين واليابان وتركيا – توجه له الدعوة ليحاضر في جامعاتها ويساهم في رسم طريق التربية الصحيحة لها.

إن محاولة الاستفادة من أفكار جون ديوي ونزعتها لتقدمية أمر محمود ومُساعد على تطوير المنظومات التربوية العربية، لأن ما خلفه ديوي يعد ميراثًا مشتركا للإنسانية جمعاء، لكن مع ضرورة مراعاة خصوصية المجتمعات العربية وطبيعتها ومبادئها في المقام الأول.

مصادر:

جون ديوي: المدرسة والمجتمع،ترجمة أحمد حسن الرحيم، مراجعة محمد ناصر، تصدير محمد حسين آل ياسين، بيروت،دار مكتبة الحياة، بدون سنة.

التحديث: يناير. 20, 2015
الطباعة
التعليق

مشاركة:

تعليقات عبر الفيسبوك:

إضافة تعليق: