ومفتاح العلم . . . السؤال

منشور: 
2015

خليل محمود- رئيس كلية سخنين الاكاديمية لتأهيل المعلمين، تدريس العلوم والتكنولوجيا

قد يجهل البعض أو يتجاهل أهمية سؤال المعلم طلابه خلال الدرس، مع العلم أن للسؤال أهمية كبرى في تحقّق المعلم من فهم طلابه وفي استثارة هممهم وتنشيط عقولهم. وبذلك فإن السؤال من أهم إستراتيجيات التدريس، لأننا ندرك من خلال إجابات الطلاب لسؤال المعلم مدى فهم الطلاب للدرس وأي شريحة من الطلاب اكتمل الفهم لديهم وأيهم بحاجة إلى مزيد من الشرح والإيضاح. ثم أن المعلم وهو يستمع إلى إجابات طلابه قد يلحظ بحسّه المرهف أخطاءً شائعة ً فيصحِّحها أو سوء فهم (misconceptions) فيقوِّمه.

إن كثيراً من الأخطاء وسوء الفهم ينمو مع الطلاب منذ مراحل التعليم المبكرة، ومع نموهم ينمو الخطأ وتتسع رقعة سوء الفهم، وهكذا البناء إذا بدأ أعوجًا فيزداد إعوجاجه مع التقدم في البناء.

والسؤال هنا كيف نكتشف الأخطاء وسوء الفهم لدى طلابنا إن لم نحاورهم بالسؤال ونتناقش معهم الأفكار ووجهات النظر؟

هل ننتظر حتى يتعثروا في منزلق الامتحان؟ هذا إن كان المعلم عنده من المسؤولية ما تملي عليه التدقيق في كل إجابة عن كل سؤال من الامتحان ورصد الأخطاء لدى كل طالب على حدة والطلاب مجتمعين، حتى نميِّز بين الخطأ الفردي لدى آحاد الطلاب وبين الخطأ الشائع تكرره لدى مجموعة من الطلاب. فإن كان الأول لفت المعلم نظر من أخطأ وإن كان الثاني توقف المعلم على الخطأ حتى يبيِّنه ويوضّحه فلا يمضي إلا وجميع الطلاب على فهم كامل لسبب الخطأ وصحيحه.

أما إذا كان ديدن المعلم سكب المعلومات بلا سؤال وتصحيح الامتحان بشكل ميكانيكي دون تمحيص واعتبار، فإن النتيجة تكون لا محالة ترسيخ الأخطاء وتعميق سوء الفهم فلماذا نعجب بعد ذلك من تردّي النتائج؟

إن المعلم الناجح من لا يغفل عن السؤال. إنه يدرك أن شفاء العيّ ومفتاح العلم هو السؤال، فيسأل أول الدرس ليتحقق من فهم ما كان ويتواصل بما سيكون، ويسأل خلال الدرس كلما فرغ من مضمون هام ليوقن أنه ترسخ في العقول، أو يسأل كلما رمق فتوراً ليوقظ الأفهام أو لحظ مللا ً فيحرك النفوس، ويسأل المعلم في نهاية الدرس للإجمال. لكن ليس المعلم الناجح من يُجمل بنفسه ويستمع طلابه للإجمال. إن المطلوب أن يُجمل الطلاب بواسطة أسئلة موجهة من المعلم فيرقب إجمالهم ويصحّح ما يكون من خطأ وسوء فهم حتى يضمن أن سواد الطلاب الأعظم تحققت أهداف الدرس فيهم، وهكذا يكون نجاح الدرس كاملا ً وفلاح المعلم شاملا ً فارفع عندها راية العلم وليهْنك السؤال غاية ً ووسيلة.

وقد عُرف سقراط قديماً بكثرة سؤاله طلابه، بل أن درسه كان كله محاورة بالأسئلة حتى عرفت طريقة التدريس المعتمدة على الأسئلة بالطريقة السقراطية.

وقد كانت أسئلة سقراط كلها أسئلة حكمة وبحث ونقاش وتوجيه. فكن أخي المعلم سقراط هذا الزمن في الأسئلة، واربأ بنفسك أن تسكب المعلومات في آذان طلابك فتخرج من الآذان الأخرى لا يبقى منها إلا النزر القليل الذي يعلق فيما بين الأذنين من دماغ الذي يأبى أن يحتفظ إلا بما يشغله ويحركه ثم يستحق البقاء.

وقد يجتهد بعض المعلمين في طرح أسئلة حوارية يحاور فيها طالباً واحداً بعينه، لكني أُحب الأسئلة التدريسية التي تجعل المحادثة ليس فقط بين المعلم وطلابه وإنما أيضاً بين الطلاب أنفسهم. فما أجمل أن يصغي المعلم إلى نقاش وتبادل الآراء بين طلابه لأن مجرد صياغة الأسئلة ومجرد بناء الإجابات لها فيها فهم وتمحيص لمعلومات الطلاب ودلالة لمدى فهمهم واستكشاف صعوباتهم التعليمية وفي هذا خير كثير.

لا شك إذاً أن التدريس الجيد يبدأ بالسؤال الجيد، ولقد أعجبتني مقولة تدعو إلى الحث على مشاركة الطلاب الفاعلة بشكل عام ومشاركتهم بالسؤال بشكل خاص كوسيلة للفهم جاء فيها:

أخبرني – أنسى

أرني – أحفظ

أشركني – أفهم.

وفيما يلي بعض الاقتراحات العملية لدمج السؤال في التدريس:

  1. عندما تنهون موضوعاً تعليمياً، توقفوا واسألوا الطلاب إن كانت لديهم أسئلة.
  2. حاولوا توجيه السؤال لكافة الطلاب.
  3. شجعوا الطلاب على التفكير في السؤال والإجابة عنه.
  4. حاولوا خلق بيئة تعلمية مريحة خالية من الخوف من رد فعل مهين لإجابة خاطئة.
  5. انتظروا قليلا ً لسماع إجابات الطلاب.
  6. إن لم يجب أحدٌ من الطلابفلا تجيبوا عن السؤال بأنفسكم. حاولوا إرشاد الطلاب بواسطة رموز مناسبة.
  7. اطرحوا أسئلة غير مباشرة لفحص مدى فهم الطلاب. على سبيل المثال، إعرضوا مثالا ً واطلبوا تفسيره وربطه بالموضوع.
  8. إن كانت الإجابة صحيحة وجديرة بالثناء فاثنوا عليها، وابنوا من خلالها الخطوة التالية لتدريس المادة.
  9. اعرضوا المادة التعليمية عن طريق أسئلة بحث.
  10. حثّوا الطلاب على طرح الأسئلة.
  11. للتأكد من فهمكم للسؤال، أعيدوا صياغته أمام السائل بكلماتكم.
  12. عندما يُطرح عليكم سؤال جيد كرّروه بصوت عالٍ للتأكد من أن الجميع قد سمعه.
  13. امتنعوا عن القيام بحوارٍ مع السائل. تكلموا مع الجميع بصورة موضوعية ومتكاملة ودقيقة. 
التحديث: أكتوبر. 20, 2015
الطباعة
التعليق

مشاركة:

تعليقات عبر الفيسبوك:

إضافة تعليق: