التعلم خارج الصندوق الأسود:الاتصالية، نظرية التعلم في العصر الرقمي

منشور: 
2016

المصدر: المعرفة (وزارة التربية والتعليم السعودية)، السعودية، 2016، 245، 129-139

مع بداية الألفية الثالثة بدأ كذلكإنتشار مجتمعات التعلم عبر الويب. وقد واكبه ظهور العديد من التطبيقات والبرمجيات التي تلبي احتياجات هذه المجتمعات، والتي عرفت بإسمالجيل الثاني للويب web 2.0 مثل المدونات، وخدمات مشاركة الوسائط، وخلاصات المواقع وهي خدمات أكسبت الإنترنت طابعًا مختلفًا؛ وهكذا أصبح مستخدمو الإنترنت مشاركين نشطين ومتعاونين في بناء محتوى الإنترنت. ومع شيوع استخدام هذه الخدمات التي ذكرت أعلاه في العملية التعليمية ظهر مفهوم الجيل الثاني للتعليم الإليكتروني e-learning 2.0 الذي إتسم بنفس السمات التفاعلية للجيل الثاني للويب؛ فتغيرت بذلك طبيعة التعلم الإلكتروني تغيرًا جذريًا، وهو ما جعل نظريات التعلم التقليدية مثل السلوكية والمعرفية وحتى البنائية في موقف صعب إزاء تفسير عمليات تعلم غير تقليدية.مما أدى إلى ظهور نظرية المعرفة المجتمعية المستمدة التي تحمل في جوهرها صفة الاتصالية.

اقترح "سيمنز"Siemensالنظرية الاتصالية عام 2004م، وعرفها على أنها نظرية تهدف إلى توضيح كيفية حدوث التعلم في البيئات الإلكترونية المركبة، وكيف يتأثر من خلال الديناميكيات الاجتماعية الجديدة، ويدعم بواسطة التكنولوجيات الجديدة، وبالتالي تعد النظرية الاتصالية من النظريات المرتبطة بالتطور التكنولوجي المعاصر، وتسعى لوضع التعلم عبر الشبكات في إطار اجتماعي فعّال. واعتبر Siemens في نظريته أن التعلم هو المعرفة الإجرائية التي يتم تحصيلها من خارج أنفسنا. وإن تلك المعرفة موزعة بين الناس والأشياء ولا يملكها فرد واحد. ولا يمكن تحصيل تلك المعرفة إلا من خلال التواصل مع تلك المصادر البشرية وغير البشرية،ويمكن تمثيل تلك المصادر بشبكة من العقد Nodes تمثل كل عقدة مصدرًا من مصادر المعرفة. وتتمثل المعرفة الإجرائية بعنصرين أساسيين، أولهما المعرفة ذاتها  التي تتنوع من المعرفة الضمنية (معرفة كيف) إلى المعرفة الصريحة (معرفة ماذا)  التي تتضمن الاهتمام بالمعرفة الناعمة المتمثلة بالخبرات والتفاعلات ونحوها. وثانيها، العمل أي القيام بأداء المهام بالطريقة المناسبة. ومن مبادئ النظرية الاتصالية ما يلي: يكمن التعلم والمعرفة في تنوع الآراء ووجهات النظر المختلفة التي تعمل على تكوين كل متكامل؛ وأن معرفة كيفية الحصول على المعلومات أهم من المعلومات ذاتها التي تتسم دومًا بالتغير والتطور المتسارع؛ وأن التعلم هو عملية الربط بين مصادر المعلومات المتخصصة؛ ويستطيع المتعلم تحسين عملية التعلم من خلال العمل عبر الشبكة المحلية؛ وأن لديه القدرة على رؤية الروابط بين المجالات والأفكار والمفاهيم والمهارات الأساسية.

يمكن توظيف النظرية الاتصالية في عمليتي التعليم والتعلم من خلال استخدام بعض البرمجيات الاجتماعية تعليميًا عبر الويب مثل: المدونات، وخدمة بث خلاصات المواقع، والفيسبوك، واليوتيوب، والفلكر، والويكي بأنواعه. ويعتبر هذا النوع من التعلم من خلال النظرية الاتصالية (الذي يعد تعلمًا خارج الصندوق الأسود وهو الفصل المدرسي) أكثر ملاءمة لعصرنا الحالي الذي يحتاج إلى الركض مع كل جديد بسرعة لنشر المعلومة، وتلقي التغذية الراجعة لها، والتمييز بين أهميته أو عدمها. ومع ذلك تعرضت النظرية الاتصاليةكسابقتها من النظريات للنقد من المفكرين والمنظرين التربويين، ووجه لها الكثير من النقد.ومن خلال النقد الموجه للاتصالية بان قسم اعتبرها نظرية وآخرون يرون بأنها لا ترقى بأن تكون نظرية، وقسم يرى بأن المطلوب ليس نظرية جديدة، بل إلى نموذج يجمع بين النظريات المختلفة للإسترشاد به في تصميم التعليم عبر الويب، وهكذا يمكن تطبيق المضامين التربوية للاتصالية بجانب التعلم النظامي داخل المؤسسات والاستفادة من التجارب في الدول المتقدمة تعليميًا.

مما لا شك فيه بأن التقدم في العلم هو القاطرة التي تقود تقدم الدولة بأكملها، فهو يخدم  جميع مجالاتها كالصناعة والتجارة والهندسة والطب والمجال العسكري والأمني وغيرها.

التحديث: سبتمبر. 04, 2016
الطباعة
التعليق

مشاركة:

تعليقات عبر الفيسبوك:

إضافة تعليق: