تعلم العلوم من منظور ديوي

المؤلفون: 
منشور: 
2015

المصدر: مجلة رؤى تربوية – فلسطين، 2015، 47/46، 20-36

من النقاش حول "الخبرة" يتضح أنه لا يمكن ترجمة فلسفة ديوي إلى توصيات بسيطة مثل الإكثار من العمل المخبري، أو الرِحَل الميدانية، أو المشاريع، أو العمل الجماعي، أو النشاطات العملية، ولكن هذه الفلسفة تساعدنا على إدراك أن النشاط الطلابي وأنواعًا معينة من البيئات (حتى وإن كان فيها محفزات أو مواد وأجهزة حديثة) لا يكفيان لإنتاج خبرة تعليمية. وبالمثل، فإن الخبرة التعليمية لا يمكن تصميمها (كمجموعة من التعليمات) ولا تقديمها للطلاب (من خلال العروض أو المعارض)، وبدلًا من ذلك، تأتي الخبرة العلمية وتنبثق من مشاركة الطلاب مع البيئة أثناء وجودهم ومشاركتهم في الحبكة الدرامية التعليمية.

بحسب ديوي يفرق الحدس ما بين "الخبرة" وخبرة عادية، وذلك من خلال جمع الترابط المنطقي والطاقة التحويلية على حد سواء. فالتوقع هو حالة وجود دينامكية تُحدث التنظيم والتحول. وكما سبق، فإن الهدف الرئيس لنظرة ديوي التربوية هو مساعدة الطلاب على قيادة حياة غنية بالخبرات القيمة. ومهمة المدرسة هي تزويد الطلاب بخبرات تحويلية، أي خبرات لها قيمة بذاتها وبإمكانياتها في الاستدلال إلى خبرات قيمة أخرى. ونؤكد على أن الحدس في قلب الخبرة التعليمية الدراماتيكية. يتبع ذلك، أنه يجب على التعليم الفعّال أن يدور حول تكوين حدس عند الطلاب، وبذلك يكون الهدف من التعليم الفعّال هو خلق خبرة قيمة من خلال خلق الحدس، ومثال على ذلك، تشبيك الطلاب بأفكار. ولذلك، وبحسب ديوي، ترجع "الأفكار" لكل جزء من الخبرة ما عدا تلك الأجزاء الساكنة أو المتضائلة. وهكذا، عندما يقطع الطلاب الروتين داخل الصف ليصرخوا "لدينا فكرة"، فإنهم يكونون في بداية الخبرة – وربما خبرة تعليمية. إذن، فالأفكار أولًا هي حدس له مادة تعليمية، وثانيًا، تلهم الأفكار الفعل، فمن خلال العمل تصبح للأفكار معانٍ وقيمة، وثالثًا، ليس هناك فكاك من أن نربط الأفكار التربوية التعليمية بالمواد التعليمية والفعل التعليمي، ولكن لهذه الأفكار أيضًا صفة إنفعالية مميزة. هذا هو الإنفعال الحدسي، وهوشعور ينبثق من المشاركة في الخبرة المتعلقة بفكرة معينة. ويوحد الحدس الخبرة المتبلورة ويحثها، ولذلك فهو يرتبط مع تطور التماسك مع التقدم نحو الاكتمال الدرامي. وللاستجابات الإنفعالية ذات الأهمية للطلاب في الخبرات التعليمية في العلوم، تتكامل، وليست إضافات، مع الأفكار المركزية. فعند مراقبة صف منخرط، نتساءل: ما الذي يدفعهم للانخراط؟ هل هم منتعشون بسبب الاحتمالات والتوقعات التي تخلقها الأفكار؟ أم أن انفعالاتهم مرتبطة بشيء متكامل مع مادة الدرس؟ ونجمل بأن الحدس ما يميز بين الخبرة البسيطة "والخبرة"، وهذا التمييز هو المحرك الذي يعطي "الخبرة" حيوية واتجاهًا.

لإحداث التعلم، من الضروري أولًا تعريف ما يعلم. وهنالك قبول واسع على أن التعليم الجيد هو التعليم الذي يؤكد على المفاهيم، ولكننا هنا سنقدم بديلًا لذلك: يجب تنظيم تعليم العلوم حول أفكار وليس مفاهيم. فكما أن المفاهيم هي الجسم المركزي للتفكير في المنظور المعرفي، فإننا نعرض الأفكار كبناء مركزي في منظور ديوي حول العالم، وفي حين تكون المفاهيم تمثيلات أساسية للتفكير، فإن الأفكار هي توقعات، وهي أساسية للفعل والوجود. ويهدف التعليم المتمحور حول الأفكار إلى مساعدة الطلاب على أن يؤخذوا بفكرة ويعيشوا معها، ويكونوا معها في عالمهم،في حين أن ما يميز المفاهيم بكونها ظاهرة معرفية وليست ظاهرة سلوكية أو مؤثرة أو معرفية، وهي تمثيلات ثابتة وليست أحداثًا أو طرق وجود أو مشاركة في العالم.

بعد أن خلصنا إلى أن التعلم مُنظمًا حول أفكار ويهدف إلى السماح للطلاب بأن يخضعوا لخبرات تعليمية، والسؤال أي الاستعارات التعليمية يمكن الاعتماد عليها؟ كمثال يتناول الأفكار كقصص قوية: والتأكيد على التوقع أو الحدس، والمعيار المركزي هو: "ما هي الطرق التي توفر إمكانية لفكرة معينة أن تحول خبرة الطالب في العالم؟". وعلى المعلمين بأن يدركوا في عقولهم ويؤمنوا في قلوبهم قبل أن يبدأوا التعليم، كيف يمكن لفكرة أن تملك القدرة على أن تلهم. ثم يتناول الأفكار كالفنون عند تقديرها: والتأكيد على الإدراك. وفي هذه الاستعارة يكون دور المعلم مماثل لدور المرشد في المتحف أو الدليل الميداني في مسار في الطبيعة.

وأخيرًا يتجه للمقارنة والمناقضة بين منظور ديوي مع منظور ليميك(Lemke)الاجتماعي الثقافي، ومنظور بريكهاوس (Brickhouse) في المساواة في التعلم.ويدور النقاش حول قضيتين وهما: دور العالم الحقيقي في التعلم والتفاعل ما بين الأفكار والمادة التدريسية والحافز. ويخلص إلى الإستنتاج بأن دور المربي هو إنتقاء أنواع من الخبرات الحاضرة التي تعيش بشكل مثمر خلاق في خبرات لاحقة. أي أن المعرفة والمهارات والازدهار ليست نهايات بحد ذاتها، بل وسائل تحقق خبرات أكثر إرضاء. والحياة الجيدة، بكل ما تتضمنه، هي حياة من الخبرات القيمة. وهكذا التعليم، حول كيفية تحويل الخبرات التعليمية الحالية إلى أن تتطور في المستقبل لتصبح خبرات قيمة.

التحديث: مايو. 30, 2016
الطباعة
التعليق

مشاركة:

تعليقات عبر الفيسبوك:

إضافة تعليق: